A review by ahmed_suliman
عشق by أحمد عبد المجيد

5.0

واحدة من أفضل الروايات التي قرأت، و أفضل رواية قرأتها لكاتبها، لا أتردد أن أعيد قرائتها بين الحين و الآخر و أعلم أنني سأقرأها مرة أخرى أو مرات .. أعجبني تسليط الضوء على بعض المشكلات المجتمعية التي أتذكر منها مشكلة أطفال الشوارع و فساد المنظمات الإدارية و التي عبر عنها الكاتب في فساد دور النشر ... و لكن ما أحببته حقاً هو الإعداد النفسي و الروحي في الرواية
فجميعنا طيبون، الجميع لديه تلك البذرة الطيبة بداخله التي إذا ما أسقطت عليه بضع قطرات من مياة ترويها له بالإخلاص و الحب لأشاعت حوله من النور هالةً أضائت له ظلام كنفه وجعلته ينشر الحب بين الناس، ولكن هل تنطفئ هالاتنا حينما تُسقى تلك البذور بماءٍ أجاج ؟ .. قطعاً لا، فحبنا لمن يحبنا و كراهيتنا لدون ذلك تفاعل طفولي و قلوبنا لم تخلق بتلك السطحية، تعلموا أن نحب الجميع أن نحب المخلص لنقاء قلبه و فطرته الطاهرة و نمتن له على أن قطرات حبه هي خير قطرات تروي قلوبنا، و أن نحب المؤذي و نمتن له على اختبار قلوبنا فنحب في أكاذيبه صدق أنفسنا و نحب في أذاه كفنا الأذى و نحب في خداعه إخلاصنا، فنحب في عداء الإخرين لأنفسنا طيبها و نحبهم لجعلنا نتمسك بخصالنا و نحب، فكما أوضح الكاتب " حبي لكم طبعا بغير تكلف .. و الطبع في الانسان لا يتغير". ولكن الماء الأجاج ليس خير سقاءٍ لنفوسنا، و خير مثالٍ و أسوة لنا هو رسول الله فقد أحب مكةً و أحبَ قومه و برغم أذاهم لم يكرههم ولكن أجاجهم لم ينبغِ له أن يستمر طويلاً فأوصاه ربه أن " دَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ" .. فالكثير من ذلك الحب الذي يسقى بماء الأذى يؤذي قلوبنا و يمكن أن يؤدي بها إلى العكس فكسر القلوب ليس بإنهيارها و إنما بخسارة ما اعتادت أن تحمله من مشاعر طيبة "حاموا على جبر القلوب فكسرها مثل الزجاجة كسرها لا يجبر" .. و إعتزالنا لما يؤذي نفوسنا و قلوبنا حقٌ لها علينا. فما هي إلا اختبارات إعدادٍ لرحلة أسمى نلتقي فيها أنفسنا فنزيل عنها سواد الكراهية و الأحقاد و حينها سنلتقي بأولئك الذين سلكوا سبلهم في توازي معنا إلى أن وصلنا إلى هنا بهالاتهم النقية و قلوبهم المخلصة .. فالعشق حينما لا تعلم نفوسنا إلا الحب ولا تجد إلا الحب ولا تجد كراهية فيما هو حولها.