A review by nasab
عهد دميانة by أسامة عبد الرؤف الشاذلي

dark emotional inspiring mysterious sad medium-paced
  • Plot- or character-driven? A mix
  • Strong character development? Yes
  • Loveable characters? Yes
  • Diverse cast of characters? N/A

5.0

عذوبة السرد، جمال الطرح، وعمق البحث والتبحر في التاريخ أنتج لنا رواية آسرة بجميع تفاصيلها. لا أكاد أصدق أنها ثاني رواية لأسامة الشاذلي. أعجبت كثيرًا بروايته الأولى (أوراق شمعون المصري) ولم أتوقع أن ترتقي الرواية الثانية لنفس مستواها ولكنها فاجأتني! الروايتان مختلفتان ولا تصح المقارنة بينهما ولكن قلم أسامة جعل القصتان بنفس مستوى الجمال الأدبي.
استخدم الكاتب اسلوب اسميه (حرق الأحداث) ولم يعرض القصة بترتيبها الزمني وكانت طريقة استراتيجية في كثير من المواضع. الفصلين الأولى من القصة قرأتها ببرود في المرة الأولى وعند عودتي إليها بعد إنهاء القصة آلمتني. السياق يؤثر كثيرًا في وقع الكلمات على القلب.
يصعب علي وصف حبكة الرواية. هي تاريخية، سياسية، دينية، تتخللها الرومانسية. تتكلم عن ثلاث أجيال وتأثيرها ببعضها في أواخر حكم الدولة الفاطمية.
في البداية استصعبت بعض الكلمات المرتبطة بالديانة المسيحية لكن بعد نحو ٣٥ صفحة اعتدت عليها وأصبحت القراءة سلسة أكثر. 
أحببت الشخصيات وترابطها ببعضها، بعض الفقرات الرومانسية كانت من أجمل ما قرأت، تصوير الكاتب لعبثية السياسة ووهمية العدل. كل شيء نُفذ بشكل بديع وممتع وأنوي إعادة قراءة هذه الرواية مستقبلًا إن شاء الله. 

حرق للأحداث:
طوال قراءتي للرواية كنت أتساءل عن سبب تسميتها بعهد دميانة وعند انتهائي أدركت بأن العهد بدأ قبل ولادتها، من مأساة عائلة جدتها ورد حين باعها أبوها غصبًا وزواجها بالكاتب صدقة المختلف عنها في المذهب وولادة أبيها الذي آمن بالخالق واحتار في سبل القرب إليه. عهد دميانة هو الحرية وأن تختار طريقها بنفسها، فوسْن ستستكمل طريق ورد أما دميانة تسير على طريق أبيها في البحث عن الخلاص لنفسها بنفسها.
جميع الشخصيات الرئيسية وجدت خلاصها بشكل مختلف.
خلاص وسن كان في البتولية التي رفضها والدها حتى لا ينقطع نسله وحاربها ابن عمها لهوسه بها. يبدو شابًا طبيعيًا في كل أمور حياته ولا تشك بامتلاكه نزعة التملك هذه بوسن وتلك الفكرة وحدها ارعبتني. 
خلاص يوستينا كان بأن تُحِب وتحَب. وهذا ما وجدته في يوسف وضحت بكل شيء من أجله.
خلاص يوسف كان في إحداث فرق في هذا العالم وترك أثر في النفوس.
خلاص مينا كان في صدقه مع نفسه وغيره لآخر لحظة من حياته.
أما ورد فوجدت خلاصها في وفائها لعهد أبيها والتزامها بارتداء الصليب لآخر أيامها.
إبراهيم وجد خلاصه في التقائه بعائلته بعد فراق امتد لأغلب سنين عمره.
حتى السجان المجنون وجد نوعًا من الخلاص في تحنيط جثة يوسف لأن وفقًا لاعتقاداته هذه الطريقة الوحيدة لضمان الخلود لروحه التي تستحق ذلك.
دميانة هي نتيجة الحب الخالص، وهي حفيدة ورد التي تفرقت عائلتها. أتت لتؤنس وحدة وسن وتصبح ابنتها التي لم تلدها. ولتحفظ ذكرى يوسف وورد وتفي بالعهد وتبقى حرة.
الشخصيات السياسية أغلبها سيء ما عدا علي بن السلار الذي لا زال يملك رحمة في قلبه. أما عباس الصنهاجي وزوجته وابنهم النصر وست القصور والظافر كلهم متوحشين و دنيئين. الظافر والنصر مقززين ومقرفين ولا أعلم صحة ما رواه عنهما الكاتب.
تمنيت لو عاش يوسف وبقيت منكرة لموته حتى جنازته. وأعتقد أن وفاته هي سبب التزام وسن بالبتولية في نهاية المطاف.

رواية جمييييلة جدا وأنتظر باقي مؤلفات أسامة الشاذلي بفارغ الصبر.